ضرب الله في القرآن مثلًا للفرق بين الإيجابية والسلبية، فقال جل شأنه:" وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " (النحل: 76)
والمقصود بـ(الأبكم) في الآية: السلبي العاجز الذي هو حمل زائد على المجتمع. فإذا طلبت منه شيئًا لا يفعله. والمقصود بـ(من يأمر بالعدل): الذي يصلح في الأرض. أتحب أن تقف بين يدي الله يوم القيامة أبكم سلبيًا؟ كن إيجابيًا في حياتك العملية. كوني إيجابية مع زوجك وأولادك. كن إيجابيًا مع الله. كن إيجابيًا في إصلاح الناس.
قصة النملة:
ولنستمع للثلاث قصص القصيرة: قصة حشرة، وقصة طائر، وقصة إنسان، وكلها تتحدث عن الإيجابية. قصة نملة، وقصة هدهد، وقصة مؤمن.
أما النملة فوردت قصتها في سورة النمل، وقد سميت السورة باسمها، يقول جل وعلا:" وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ َ..." (النمل:17-19)
فقد نظم الجيش بقيادة سيدنا سليمان للسير إلى معركة. ويوزعون: نفهم منها أنهم كانوا في غاية الانضباط. والقصة على قصرها إلا أنها تضرب مثلًا لنملة إيجابية، نملة شجاعة، كان من الممكن أن تهرب وحدها وتدخل جحرها، لكنها أول نملة رأت الجيش قبل غيرها من النمل، فخشيت على أمتها، لم تعش لنفسها، رغم أنه كان من الممكن أن تموت تحت الأقدام وهي تنادي على النمل، لكنها تضحي من أجل الآخرين، ولهذا تبسم سيدنا سليمان.
أيكون الله سبحانه وتعالى قد ساق لنا قصة النملة هذه ليقول لنا: عار عليكم أيها الرجال، وأيتها النساء، أن تكون نملة صغيرة لديها من الإيجابية ما تفتقدونه أنتم؟!
وقد يكون هذا سبب تسمية السورة بالنمل، فيا لجمال الله، يعلمنا من الكائنات الأخرى بشكل قصصي جميل. عالم قصص القرآن الرائع.
ولقد كانت هذه النملة على درجة عالية من البلاغة، استمعوا معي لقولها تجدونه يتضمن التالي:
1- ياأيها النمل: نداء.
2- ادخلوا: أمر.
3- لايحطمنكم: نهي.
4- سليمان: خصصت.
5- جنوده: عممت.
6- وهم لا يشعرون: اعتذرت عنهم، أي عن غير قصد منهم؛ فهذه
ليست أخلاق جيش سليمان، فجيش الحق والخير لا يقتل حتى النمل، والمؤمن لا يؤذي حتى النمل.
ولهذا تبسم سليمان من قولها؛ لأنه تضمن إيجابية، والاعتذار عن الجيش. ثم شكر الله على أن وهبه القدرة على سماع ذبذبات صوت النمل.
قصة الهدهد:
القصة الثانية وردت في سورة النمل أيضًا بعد قصة النملة مباشرة، والمعنى واضح جدًا فهذه السورة تتحدث عن الإيجابية.
وهذه القصة قصة الهدهد. يقول سبحانه وتعالى:" وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ " (النمل:20-21)
فسيدنا سليمان يجمع كل صفات القائد العظيم:
1- يتفقد طابور الجيش كل يوم.
2- حينما لم يجد الهدهد لم يتسرع في اتهامه، بل سأل هل هو حاضر أم غائب؟ فربما كان موجودًا في مكان ما بين أفراد الجيش ولم يره سيدنا سليمان.
3- الحزم: فقد هدد بعقاب الهدهد.
4- العدل: فقد طلب أن يأتيه الهدهد بسبب غيابه؛ حتى لا يوقع به العقاب.
5- الإنصات: منح الفرصة للهدهد للدفاع عن نفسه.
وهناك قصة طريفة تروي كيف عرف سيدنا سليمان -عليه السلام- بغياب الهدهد، إذ كان مكان الهدهد يحجب الشمس عن سيدنا سليمان -عليه السلام-، فلما بدت الشمس لعين سيدنا سليمان -عليه السلام- أدرك غياب الهدهد. وهذه قصة لا يوجد أي دليل على صحتها، لكننا نذكرها لطرافتها.
وجاء الهدهد الإيجابي، وكان من الممكن أن يكون كأي موظف يلتزم بالوقوف في الطابور وكفى، يثبت حضوره، ويثبت انصرافه، مثل الملايين من الموظفين كل منهم يأكل ويشرب، ويحصل على أجره آخر الشهر، ولو كنت أنت هكذا فالهدهد ليس كذلك. وما حدث أن الهدهد سمع بأن قومًا يعبدون الشمس في اليمن، بمملكة سبأ، فجن جنونه وهو في فلسطين، أي على بعد مسافة كبيرة من اليمن، وسيفوته طابور الجيش، لكن هناك أولويات، وهو ليس موظفًا، بل صاحب رسالة، طار إلى اليمن يتفقدهم، حتى أنه ذهب إلى عرش الملكة وعاد بالأخبار، ليصبح سببًا في هداية أمة.
فور عودة الهدهد، أخبرته الطيور بعقاب سيدنا سليمان -عليه السلام-، فمكث غير بعيد عن سليمان؛ لأن الإيجابية تزرع الشجاعة، وثقة بالنفس.
ونكمل الآية:"... فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " (النمل:22-26)
فالهدهد بعدما رأى عرش الملكة وحد الله رب العرش العظيم، وهذا موضع سجدة في القرآن، فانظروا لإيجابيته وهو مجرد هدهد! فعار علينا نحن المسلمين أن نكون سلبيين. كن مركز إيجابية في مؤسستك، في ناديك، في كل مكان، قم بالإصلاح، وإياك والتعلل بالظروف، وأنه لا فائدة، بل استخدم الإمكانات في قهر المؤثرات.
قصة المؤمن:
القصة الثالثة وردت في سورة نحبها كثيرًا، قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-:”قلب القرآن”، وهي سورة يـس. والقصة في قلب السورة، حيث تدور أحداثها في قرية كانت مركزًا لما حولها من القرى، مثل موقع مكة المركزي المؤثر في الجزيرة العربية.
يقول الله -جل شأنه-:" وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ " (يـس:13-19)
والغريب أن يرسل الله ثلاثة رسل لبلدة واحدة؛ هذا لقوة مركزها، وأيضًا لصعوبة الدعوة فيها، وللمشاكل الاقتصادية والاجتماعية العديدة بها، وللمشاكل الدينية العقائدية؛ فهم غير مؤمنين أو موحدين، وقد كذبوا هؤلاء الرسل مدعين بأنهم بشر مثلهم. فالكثير منا يتخيل أن الإصلاح والهداية لا يجوز أن يأتي من أناس مثلنا، بل يجب أن يأتي من قوى خارقة، مثل الملائكة، فلا يتقبلون أن يصلح مشاكلهم شخص عادي مثلهم أو من أهلهم، وإنما قوى خارجية. بينما الحقيقة أن الإصلاح يبدأ من الداخل، فالبعض ينتظر حلًا لمشاكله بانتظار المهدي المنتظر، ولكن كن أنت التغيير الذي تحب أن تراه في العالم.
وهنا تكمن خطورة القصة في أن الهداية تأتي منك أنت.
ونكمل الآية:" وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ " (يـس:20-27)
ويأتي رجل ليس بنبي، بل رجل عادي. تخيلى معي أختاه، لو أن المدينة التي تعيشين فيها بها ثلاثة أنبياء، هل هناك حاجة إليك؟ بالطبع هناك حاجة إليك.
كان من الممكن جدًا أن لا يبالي هذا الرجل، ويقول: وما دخلي أنا؟ ولاحظوا أنه جاء من أقصى المدينة، أي ليس من أثرياء البلد، ولا من أصحاب النفوذ، فمن المحتمل أن يقتل ولن يعبئوا به، فلماذا يقدم على دعوة هؤلاء القوم؟
لم يستطع السكوت أو الجلوس في مكانه، بل دعا بكل إصرار وعزيمة، وانظروا معي، من أعلى مقامًا وأعلم وأتقى؟ الرجل أم الأنبياء الثلاثة؟ الأنبياء بالطبع، لكن القرآن ركز على الرجل، لماذا؟ لكي يخبرك بأنك عظيم وغالي عند الله إن كنت إيجابيًا، لا تنقص من قدر نفسك أمام الدعاة، بل ادعو إلى الله أنت أيضًا.
منقول - كتابة الاستاذ عمر خالد -
والمقصود بـ(الأبكم) في الآية: السلبي العاجز الذي هو حمل زائد على المجتمع. فإذا طلبت منه شيئًا لا يفعله. والمقصود بـ(من يأمر بالعدل): الذي يصلح في الأرض. أتحب أن تقف بين يدي الله يوم القيامة أبكم سلبيًا؟ كن إيجابيًا في حياتك العملية. كوني إيجابية مع زوجك وأولادك. كن إيجابيًا مع الله. كن إيجابيًا في إصلاح الناس.
قصة النملة:
ولنستمع للثلاث قصص القصيرة: قصة حشرة، وقصة طائر، وقصة إنسان، وكلها تتحدث عن الإيجابية. قصة نملة، وقصة هدهد، وقصة مؤمن.
أما النملة فوردت قصتها في سورة النمل، وقد سميت السورة باسمها، يقول جل وعلا:" وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ َ..." (النمل:17-19)
فقد نظم الجيش بقيادة سيدنا سليمان للسير إلى معركة. ويوزعون: نفهم منها أنهم كانوا في غاية الانضباط. والقصة على قصرها إلا أنها تضرب مثلًا لنملة إيجابية، نملة شجاعة، كان من الممكن أن تهرب وحدها وتدخل جحرها، لكنها أول نملة رأت الجيش قبل غيرها من النمل، فخشيت على أمتها، لم تعش لنفسها، رغم أنه كان من الممكن أن تموت تحت الأقدام وهي تنادي على النمل، لكنها تضحي من أجل الآخرين، ولهذا تبسم سيدنا سليمان.
أيكون الله سبحانه وتعالى قد ساق لنا قصة النملة هذه ليقول لنا: عار عليكم أيها الرجال، وأيتها النساء، أن تكون نملة صغيرة لديها من الإيجابية ما تفتقدونه أنتم؟!
وقد يكون هذا سبب تسمية السورة بالنمل، فيا لجمال الله، يعلمنا من الكائنات الأخرى بشكل قصصي جميل. عالم قصص القرآن الرائع.
ولقد كانت هذه النملة على درجة عالية من البلاغة، استمعوا معي لقولها تجدونه يتضمن التالي:
1- ياأيها النمل: نداء.
2- ادخلوا: أمر.
3- لايحطمنكم: نهي.
4- سليمان: خصصت.
5- جنوده: عممت.
6- وهم لا يشعرون: اعتذرت عنهم، أي عن غير قصد منهم؛ فهذه
ليست أخلاق جيش سليمان، فجيش الحق والخير لا يقتل حتى النمل، والمؤمن لا يؤذي حتى النمل.
ولهذا تبسم سليمان من قولها؛ لأنه تضمن إيجابية، والاعتذار عن الجيش. ثم شكر الله على أن وهبه القدرة على سماع ذبذبات صوت النمل.
قصة الهدهد:
القصة الثانية وردت في سورة النمل أيضًا بعد قصة النملة مباشرة، والمعنى واضح جدًا فهذه السورة تتحدث عن الإيجابية.
وهذه القصة قصة الهدهد. يقول سبحانه وتعالى:" وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ " (النمل:20-21)
فسيدنا سليمان يجمع كل صفات القائد العظيم:
1- يتفقد طابور الجيش كل يوم.
2- حينما لم يجد الهدهد لم يتسرع في اتهامه، بل سأل هل هو حاضر أم غائب؟ فربما كان موجودًا في مكان ما بين أفراد الجيش ولم يره سيدنا سليمان.
3- الحزم: فقد هدد بعقاب الهدهد.
4- العدل: فقد طلب أن يأتيه الهدهد بسبب غيابه؛ حتى لا يوقع به العقاب.
5- الإنصات: منح الفرصة للهدهد للدفاع عن نفسه.
وهناك قصة طريفة تروي كيف عرف سيدنا سليمان -عليه السلام- بغياب الهدهد، إذ كان مكان الهدهد يحجب الشمس عن سيدنا سليمان -عليه السلام-، فلما بدت الشمس لعين سيدنا سليمان -عليه السلام- أدرك غياب الهدهد. وهذه قصة لا يوجد أي دليل على صحتها، لكننا نذكرها لطرافتها.
وجاء الهدهد الإيجابي، وكان من الممكن أن يكون كأي موظف يلتزم بالوقوف في الطابور وكفى، يثبت حضوره، ويثبت انصرافه، مثل الملايين من الموظفين كل منهم يأكل ويشرب، ويحصل على أجره آخر الشهر، ولو كنت أنت هكذا فالهدهد ليس كذلك. وما حدث أن الهدهد سمع بأن قومًا يعبدون الشمس في اليمن، بمملكة سبأ، فجن جنونه وهو في فلسطين، أي على بعد مسافة كبيرة من اليمن، وسيفوته طابور الجيش، لكن هناك أولويات، وهو ليس موظفًا، بل صاحب رسالة، طار إلى اليمن يتفقدهم، حتى أنه ذهب إلى عرش الملكة وعاد بالأخبار، ليصبح سببًا في هداية أمة.
فور عودة الهدهد، أخبرته الطيور بعقاب سيدنا سليمان -عليه السلام-، فمكث غير بعيد عن سليمان؛ لأن الإيجابية تزرع الشجاعة، وثقة بالنفس.
ونكمل الآية:"... فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " (النمل:22-26)
فالهدهد بعدما رأى عرش الملكة وحد الله رب العرش العظيم، وهذا موضع سجدة في القرآن، فانظروا لإيجابيته وهو مجرد هدهد! فعار علينا نحن المسلمين أن نكون سلبيين. كن مركز إيجابية في مؤسستك، في ناديك، في كل مكان، قم بالإصلاح، وإياك والتعلل بالظروف، وأنه لا فائدة، بل استخدم الإمكانات في قهر المؤثرات.
قصة المؤمن:
القصة الثالثة وردت في سورة نحبها كثيرًا، قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-:”قلب القرآن”، وهي سورة يـس. والقصة في قلب السورة، حيث تدور أحداثها في قرية كانت مركزًا لما حولها من القرى، مثل موقع مكة المركزي المؤثر في الجزيرة العربية.
يقول الله -جل شأنه-:" وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ * قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ " (يـس:13-19)
والغريب أن يرسل الله ثلاثة رسل لبلدة واحدة؛ هذا لقوة مركزها، وأيضًا لصعوبة الدعوة فيها، وللمشاكل الاقتصادية والاجتماعية العديدة بها، وللمشاكل الدينية العقائدية؛ فهم غير مؤمنين أو موحدين، وقد كذبوا هؤلاء الرسل مدعين بأنهم بشر مثلهم. فالكثير منا يتخيل أن الإصلاح والهداية لا يجوز أن يأتي من أناس مثلنا، بل يجب أن يأتي من قوى خارقة، مثل الملائكة، فلا يتقبلون أن يصلح مشاكلهم شخص عادي مثلهم أو من أهلهم، وإنما قوى خارجية. بينما الحقيقة أن الإصلاح يبدأ من الداخل، فالبعض ينتظر حلًا لمشاكله بانتظار المهدي المنتظر، ولكن كن أنت التغيير الذي تحب أن تراه في العالم.
وهنا تكمن خطورة القصة في أن الهداية تأتي منك أنت.
ونكمل الآية:" وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ " (يـس:20-27)
ويأتي رجل ليس بنبي، بل رجل عادي. تخيلى معي أختاه، لو أن المدينة التي تعيشين فيها بها ثلاثة أنبياء، هل هناك حاجة إليك؟ بالطبع هناك حاجة إليك.
كان من الممكن جدًا أن لا يبالي هذا الرجل، ويقول: وما دخلي أنا؟ ولاحظوا أنه جاء من أقصى المدينة، أي ليس من أثرياء البلد، ولا من أصحاب النفوذ، فمن المحتمل أن يقتل ولن يعبئوا به، فلماذا يقدم على دعوة هؤلاء القوم؟
لم يستطع السكوت أو الجلوس في مكانه، بل دعا بكل إصرار وعزيمة، وانظروا معي، من أعلى مقامًا وأعلم وأتقى؟ الرجل أم الأنبياء الثلاثة؟ الأنبياء بالطبع، لكن القرآن ركز على الرجل، لماذا؟ لكي يخبرك بأنك عظيم وغالي عند الله إن كنت إيجابيًا، لا تنقص من قدر نفسك أمام الدعاة، بل ادعو إلى الله أنت أيضًا.
منقول - كتابة الاستاذ عمر خالد -
الأحد يوليو 10, 2011 1:54 am من طرف @ abdnor @
» نكتة جزء 2
الأحد يوليو 10, 2011 1:53 am من طرف @ abdnor @
» نكتة رائعة
الأحد يوليو 10, 2011 1:52 am من طرف @ abdnor @
» أجدد النكت المغربية أتحداك إذا كنت سمعتها من قبل جزء 1
الأحد يوليو 10, 2011 1:49 am من طرف @ abdnor @
» نكت موديل 2011
الأحد يوليو 10, 2011 1:44 am من طرف @ abdnor @
» برنامج AVG PC Tuneup 2011 10.0.0.26
الثلاثاء يونيو 28, 2011 1:45 am من طرف @ abdnor @
» حصريا الاسطوانة العملاقة التى تجمع اخر تحديثات مع احدث البرامج الهامة Windows XP SP3 Corporate Student Edition June 2011 بتحديثات شهر يونيو وبحجم 687 ميجا وعلى اكثر من سيرفر
الثلاثاء يونيو 28, 2011 1:37 am من طرف @ abdnor @
» حصريا أقدم لكم أفضل لعبة كرة قدم fifa 2012 بحجم 100 ميجا وتعمل في كل أجهزة
السبت أبريل 16, 2011 12:58 am من طرف MOHMD DRD
» اعلان عام
الأحد فبراير 27, 2011 9:59 am من طرف @ abdnor @
» دفتر الحظور والغياب اليومي
الأحد فبراير 27, 2011 9:55 am من طرف @ abdnor @
» تاريخ ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية
السبت فبراير 26, 2011 6:49 am من طرف @ abdnor @
» سورة نوح مع فيديو لمناظر طبيعية
السبت فبراير 26, 2011 6:46 am من طرف @ abdnor @
» فائدتان : في قوله تعالى " قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم " وتسمية " الأرض المقدسة ".
السبت فبراير 26, 2011 6:43 am من طرف @ abdnor @
» سورة البقرة (3.43MB) فقـــــــــط
السبت فبراير 26, 2011 6:26 am من طرف @ abdnor @
» كيف تحفض القران فى عشر دقائق
السبت فبراير 19, 2011 5:58 am من طرف الافق الجميل
» تلاوة القرآن في رمضان
السبت فبراير 19, 2011 5:56 am من طرف الافق الجميل
» الصلاة على الرسول عند قراءة الآيات
الخميس فبراير 10, 2011 11:29 pm من طرف عبدالنور
» متى نزلت آية الحجاب ؟
الخميس فبراير 10, 2011 11:28 pm من طرف عبدالنور
» أنواع هجر القرآن الكريم ( اقرأ وتدبر)
الخميس فبراير 10, 2011 11:28 pm من طرف عبدالنور
» الايجابية في نملة سليمان و الهدهد و المؤمن
الخميس فبراير 10, 2011 11:27 pm من طرف عبدالنور
» عنده إشكال في تفسير هذه الآية
الخميس فبراير 10, 2011 11:26 pm من طرف عبدالنور
» هل تدخل النساء في قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) ؟
الخميس فبراير 10, 2011 11:26 pm من طرف عبدالنور
» الشرور الأربعة المذكورة في سورة الفلق .. وكيف عالجها الإسلام؟
الخميس فبراير 10, 2011 11:25 pm من طرف عبدالنور
» إلا تفعلوه تكن فتنة ..... فريق النور
الخميس فبراير 10, 2011 11:25 pm من طرف عبدالنور
» (جميع خطب ودروس)عبد الحميد كشك.(ارجو التثبيت).
الجمعة يناير 21, 2011 1:49 am من طرف @ abdnor @
» برنامج "إلى صلاتي"
الجمعة يناير 21, 2011 1:47 am من طرف @ abdnor @
» برنامج محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه
الجمعة يناير 21, 2011 1:44 am من طرف @ abdnor @
» أطرق الباب وقل : ياااااااا الله
الجمعة يناير 21, 2011 1:43 am من طرف @ abdnor @
» TNTSAT FR @ 19.2°E VIACCESS (CRISTOR & RESSEMBLANTS FORMAT) 071210
الخميس يناير 20, 2011 6:07 pm من طرف @ abdnor @
» قصة شاب ضرب ابوه .......بالمصحف
الأربعاء يناير 19, 2011 11:02 am من طرف عبدالنور
» أسماء يوم القيامة في القرآن...
الأربعاء يناير 19, 2011 11:01 am من طرف عبدالنور
» فوائد الاستيقاظ لصلاة الفجر
الأربعاء يناير 19, 2011 11:00 am من طرف عبدالنور
» أحفظ أختك ...............
الأربعاء يناير 19, 2011 10:59 am من طرف عبدالنور
» قصة اسلامية مؤثرة : كلنا حبينا البنت ديه ... تخيلوا
الأربعاء يناير 19, 2011 10:59 am من طرف عبدالنور
» أسماء يوم القيامة في القرآن...
الأربعاء يناير 19, 2011 10:59 am من طرف عبدالنور
» حان وقت الصلاة
الأربعاء يناير 19, 2011 10:58 am من طرف عبدالنور
» حملة العرش...
السبت يناير 15, 2011 4:03 am من طرف @ abdnor @
» هل تعلم أن الماء يسمع كلامك ؟؟؟
السبت يناير 15, 2011 4:01 am من طرف @ abdnor @
» دعاء اليوم...
السبت يناير 15, 2011 3:59 am من طرف @ abdnor @
» نصيحة غالية من الشيخ عبد الرزاق عند دراسة العقيدة
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 10:49 am من طرف عبدالنور
» أخلاق المسلم
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 10:49 am من طرف عبدالنور
» ممكن دقيقة من وقتك
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 10:48 am من طرف عبدالنور
» أفضل أيام الدنيا
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 10:48 am من طرف عبدالنور
» يا شباب أمة محمد صلى الله عليه وسلم
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 10:48 am من طرف عبدالنور
» رمضان مبارك
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 10:48 am من طرف عبدالنور
» الشوق إلى البيت الحرام
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 6:26 am من طرف @ abdnor @
» الإمساك عما شجر بين الصحابه رضي الله عنهم ...فرقة الانصار
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 6:22 am من طرف @ abdnor @
» باب بِشَارَةِ مَنْ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَيْبَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ فِ
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 6:22 am من طرف @ abdnor @
» فائدة ذهبية للحافظ الذهبى .
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 6:19 am من طرف @ abdnor @
» انتبهوا يا أعداء الله هذا هو الرحمة المهداة!!
الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 6:18 am من طرف @ abdnor @